المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا ” الإيكواس”!… مقومات النجاح وقيـود التكامل

ما وراء التغلغل الاسرائيلي على حساب العرب في “الإيكواس”!

يعتبر انضمام الدول إلى التكتلات الاقتصادية الدولية إحدى الوسائل الرئيسية التي تساعد على تحقيق معدلات مرتفعة من الرفاهية الاقتصادية والمزايا المالية الكبيرة مقارنة بما كانت تحصل عليه عندما كانت خارج التكتل، وتتجه دول غرب افريقيا إلى إقامة علاقات اندماجية متكافئة فيما بينها بهـدف تبادل المصالح الاقتصادية والاستفـادة من الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة، وتوحيد القـواعـد والإجراءات مما يؤدي إلى الزيادة في الإنتاج وتنمية التبــادل التجـاري وتحقيق مزيد من الفوائد المشتركـة بين بلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (الإيكواس).

منذ استقلال الدول الأفريقية عن القوى الاستعماريـة وهي تسعى لتضافر جهودها مما تمخض عنه على المستوى القاري إنشاء “الاتحاد الافريقي”؛ غير أنه خلال حقبة السبعينيات والثمانينيات تحديـدا شهدت القارة ميلاد العـديد من التكـتلات الاقتصادية داخل الأقاليم الفرعية والتي ادعى القادة السياسيون انها تأتي تلبية لطموحات وآمال الشعوب وللتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة عبر التعاون والتكامل الاقتصادي. وخلال فترة قصيرة تزايدت هذه التجمعات كالفطـر في أرض جرداء، فتداعـى الى العاصمة البوركينابية “واغادوغو” فى مارس 2006؛ المؤتمر الوزاري الأول للوزراء الأفارقة المعنيين بالتكامل الإقليمي لتدارس “ترشيد التجمعات الإفريقية القائمة”، وكان أن بحث المشـاركون الإسراع بعملية دمج وترشيد التجمعات الإفريقية القائمة في أقل عدد ممكن؛ وكانت حجتهم في ذلك “ان تعدد التجمعات الإفريقية يمثل تكرارا للأهداف، ويخلق تداخلا في البرامج مما يلقى أعباء على العمل الإفريقي المشترك، ويؤثر سلبا على مستقبل التكامل بين دول القارة”، وكان من النتائج المباشرة لهذا المؤتمر أن مفوضية الاتحاد الأفريقي لـم تعـد تعترف سـوى بثمانية تكتلات اقليمية فقط كلبنات للتكامل الإفريقي Building Blocks، مـن بين 16 تكتـلا إقليميا على الأقل في الوقت الراهن؛ توجد منها خمس على الأقل في غرب افريقيا هي الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا “UEMOA”، واتحاد نهر مانو MRU، واتحاد منظمة استثمار نهر السنغال OMVS، ومجموعة دول الساحل G5، و الإيكواس CEDEAO.

تعود فكـرة إنشاء مجموعة غرب افريقية الى العام 1964 على أيدي الرئيس الليبيري وِلْيَامْ طُوبْمَانْ الذي أطلقها بعـدما  وقـع في فبراير 1965 على اتفاق يضـم الى جانب بلاده؛ كلا مـن الكوت ديفوار(ساحل العاج) وغينيا والسيراليون، لكن التجربـة لم تقوى أمام الأزمات الحدودية ومصاعب التدخلات الغربيـة ففشلت سريعا. ومــع تسلق الجيل الثاني من القادة القادمين الى السلطة بواسطة الانقلابات العسكرية أعيد استئناف المشروع على يدي الجنرال يَاكُوبُو دانْ يُوما ڇُوونْ (رئيس نيجيريا) والجنرال اگْناسِينْغْ پي أيَادِيمَا (رئيس التوغو)؛ اللذين تزعما جهود قيام الاتحاد وجمع مساهمات اثنتي عشرة دولة في المشروع. فخصصا أول اجتماع بالعاصمة التوغولية لومي سنة 1972 لدراسة معاهدة التجمع المقترحة، وفــي يناير 1974 بأكرا (غانا) انعقد اجتماع الخبراء للنظـر في الجوانب المؤسسية، وفي مونروفيا التئم بيناير 1975 اجتماع الحكومات، الذي خصص لإقرار مضامين المعاهدة المقترحة، وأخيرا، وقعت أربعـة عشر دولة غرب افريقية على معاهدة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في الــ28 مايو 1975 بـلاغُوسْ شهران قبل سقوط حكم الجَنَرَالْ يَاكُوبُو دانْ يُوما ڇُوونْ، في الـ5 نوفمبر 1976 في لُومْي بالتُوغُو جـرى توقيع زعماء مُورِيتانْيا والسَنغال، مالي والسيراليون، غامبيا وغينيا، غينيا بيساو، وليبيريا والنيجر ونيجيريا وغانا والتوغو والبَنِـينْ، بُوركينافاسو (فولتا العليا) على البروتوكولات المؤسسة للمجموعـة.

تميزت حقبـة إنشاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (الإيكواس) بتوازي الإرادات السياسيـة للآباء المؤسسين؛ فبالرغـم من أن طموح معظـمهم كان يصب في سياق تحقيق التكامل الاقتصادي والتعاون السياسي، الا أن طموحات زعماء دول وازنـة في المنطقة أفرز اتجاهين رئيسيين آخرين كذلك فمن جهة؛ دعـا أنصار سياسات الاندماج “الشامـل” الـى الاتجاه نحـو نقل مزيـد من “السيادة الوطنيـة” الى اجهزة المجموعة؛ ومن أبرز دعاة هذا الاتجاه السنغال وغانا وفي بعض النواحي نيجيريا. وفي الطرف الآخر من المجموعـة، شككت الكوت ديفوار(ساحل العاج) بشأن الطموحات التي تنطوي على مـزيـد من عمليات نقل السيادة، ويساندها في ذلك العديـد من الدول بما في ذلك موريتانيا.

وبشكل أو بآخر، فإن لاختلاف وجهات النظر بشأن تحقيق آليات الاندماج هذه تجـد جـذورها داخـل الطموحات المعلنة للأربعـة الكبار في المنطقـة والى الاتجاهات الاستراتيجية المتعارضة بشأن الاندماج؛ فكان حنين السنغال الى الإبقاء على مكانتها كما كانت تشغلها في “غـرب افريقيا الفرنسية”، وهي تستعيـد تجاربها السابقة وهكذا كانت رؤيـة الرئيس الْيُوبُولْدْ سِيـدَارْ سَيْنْگُورْ : “ان تحقيق وحدة افريقية يتم حتما من خلال الجمهوريات الاتحادية على شاكلة فيدرالية مالي التي تشكل الخطوة الأولى”. وفي نفس الوقت كان القادة الغَانِيِينَ أوفياء لاتجاهات الرئيـس انْكْوَامِيهْ نيكْرُومَا والذي لم يكن سـوى أحد الرموز التاريخيين لدعاة الوحدة الافريقية الشاملة (Panafricanistes) وهـو صاحب المقولة “يجب على افريقيا ان تتحد”، وعلاوة على ذلك؛ أمكن لغَانَا أن تستحضر رعايتها لباكورة مبادرات التكامل بين الدول الافريقية المستقلة حديثا من خلال “اتحاد دول غرب افريقيا (UEAO) المعلن عنه في نوفمبر 1958. وعلى ضـوء هـذه الرؤى لا تخفي نيجيريا، التي تستضيف التجمع الاقليمي أن قوتها الديمغرافية والاقتصادية الوازنـة على صعيد القارة كافيتان لتصدر اسواق المنطقـة برمتها.

ومع انشغال الأقطاب الرئيسية في المجموعـة بشكل مبكـر على تضمين طموحاتها الإقليمية داخل اجهزة الإيكواس، كانت السمة الأساس للأنظمة يطبعها انعدام الاستقرار السياسي والانقلابات كما عجز اغلبها عن حماية شعوبه من كوارث المجاعات والتصحـر والمواجهات المسلحـة مع المتمردين كما فـي السنغال و السيراليون وليبيريا ونيجيريا، بالإضافة الى انتشار الفساد الذي رافق استغلال الثروات الوطنية وتدفق القروض والمنـح المشروطـة وغيرها من المساعدات الدولية والمعونات الفنية، ويرى المدير الاقليمي لجنوب السودان عن البنك الدولي ساهر جُونْ اكْبُونْديْه (سيراليوني) أن انتعاش الحركات المؤيدة للديمقراطية علنا وتزايد الاضرابات وغيرها من مظاهر احتقان الشارع الافريقي جراء الفساد منذ أوائل 1990 عوامل زادت من حماس الأشخاص للانضمام إلى النقاشات السياسية، وإلى إدراكـ العديد من القادة الأفارقة أنه لا محيد عن الولوج الى التعددية وزاد من ذلك اقدام قوى شعبية عديدة على اسقاط و مطاردة رؤساء لا يحظون بالقبول الشعبي”

لـم يكـن الانفتاح الديمقراطـي الذي ميز المنطقة منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي بمثابة المفتاح السحري للولوج الى اسعـاد شعوب المجموعـة، فقد زادت من صداع قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا التحديات الأمنية للجريمة العابـرة للحـدود وتفـشي المنظمات الارهابيـة والمتشددة بعدما انهارت تحت وطأتها الإدارة المالية في الشمال الذي يمثل 60% من مالـي التي تحولت إلى دولة فاشلـة تستـدر الحماية من جديد من فرنسا الاستعمارية. وبعـد 39 سنة من مبادرة الجَنَرَالْ يَاكُوبُو دانْ يُوما ڇُوونْ القاضية بإنشاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تورطت بلاده فـي حرب داخليـة أشــد ضراوة من الحرب الأهلية المسماة “لًبْـرَافْدَا” التي أشعلها سكان الجنوب من قومية ايگْبُو ضد سياسات الجَنَرَالْ النيجيري؛ فقـد استفحل خطـر جماعة بُوكُو حَرامْ بعدما بسطت نفوذها على مناطق عديـدة في الشمال قبل أن تطال ضرباتها المؤسسة الأمنية والمدنية بنيجيريا وما جاورها من دول المجموعة بما في ذلك الكاميرون والنيجر.

في أبريل 1990؛ بناء على مبادرة تزعمتها نيجيريا داخل الإيكواس؛ سعت المجموعة الى تفعيل تعاونها العسكري عبر انتهاج سياسات تعزز سبل الدفاع المشترك فأعلن عن تأسيس قـوة المراقبة الخاصة بالتجمع والمعروفة اختصارا”Ecomog” ليعهد إليها بتنفيـذ عمليات حفظ السلام في ليبيريا التي اندلعت فيها حرب اهلية وفي نهاية المطاف تمكنت القوة العسكرية التي تقودها نيجيريا من تحقيق السلم، وقبل مغادرتها في أكتوبر 1999 أكملت مهمة نزع السلاح من المتحاربين الليبيريين قبل تنظيم البلد للانتخابات، وهنالك نجاحات مماثلـة كان من أبرزها تدخـل الإيكوموج في السيراليون سنة 1997 حيث امكنها الاطاحة بالمجلس العسكري في فريتاون واعادة الرئيس المنتخب أحمد تيجان كابا الى سـدة الحكم وهنالك تدخلات مماثلـة في غينيا بيساو والكوت ديفوار. وللمجموعـة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (الإيكواس) دور لا يستهان به على مجابهة التحديات الأمنية التي واجهتها دولة مالي ففـي اعقاب سقوط شمال مالي بين أيدي المتمردين الإسلاميين العام 2012 شكلت المجموعة بناء على قرار الأمم المتحدة الصادر في الـ20دجمبر قـوة عسكرية للتدخل في مالي تحت اسم بعثة الدعم الدولية في مالي (MISMA) تحت قيادة ضابط نيجيري ينحدر من ولاية كادونا النيجيرية التي يفترسها عنف جماعة بوكو حرام هـو الفريق شاهُو عبد القادر (شارك في حفظ السلم في ليبيريا والسيراليون).

ومع ازدياد الدور النيجيري ومحوريته على الصعد السياسية والاقتصاديـة داخل المجموعـة تشكلت قـوة مشتركة مع السنغال للتدخل عسكرياً في غامبيا بعـد اصرار رئيسها الخاسر يَحْي جَامَعْ في انتخابات يناير 2017 على رفضه تسليم السلطة لسلفه المنتخب ديمقراطيا آدَمَا بَارُو وفشـل جهـود الوساطـة التي قادتها رئيسة ليبيريا، رئيسة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس) السيدة أَلَيْنْ جُونْسُونْ سِيرْلْيَيْفْ، وبالإضافة إلى التكامل السياسي المنشـود فإن النتائج المترتبة على العنصر العسكري تجعله أكبر وأضخم وسائل قـوة المجموعـة بافتراض أنها ستكون قادرة من خلال ما تسمح به عناصر القوة الموضوعة تحت إمرتها من تحقيق أهدافها السياسيـة والاقليمية، وفي الواقع لا تتوقَّف رؤية الإيكواس على هاتين الأداتين، فثمة وسائل أخـرى لتعزيز وتقوية التكامل فيما بينها ومنها التبادل التجاري والأداة الاقتصادية، فبعدما تغلبت بلـدان “الإيكواس” نسبيا على الركـود الاقتصادي وانتقل نموها ليستقر عام 2016 على 6.8 في المائة  وأصبح البعض يتنبأ لها بزعامة التكامل النموذجي على الصعيـد القاري كما ترشح الكثير من التقارير الغربية نيجيريا (اكبر بلدانها) لدخول قائمة الاقتصاديات العشرين الأولى في العالم، في غضون 2050. وما كان ليتم ذلك لو لم يعكف خبراء مجمـوعـة دول غرب افريقيا (الإيكواس) على رسـم خريطـة أوضح لتحرير اقتصاداتها من العوامـل الخارجية غير المتحكم فيها و توجه قادتها لإطلاق أكبر ســوق غرب افريقية من شأنها تسهيل عملية تنقل الأشخاص عبـر البطاقة البيومترية الموحـدة، بما يعكس تقوية التعاون التجاري و التكامل السياسي خدمـة للتنمية المستدامة في بلدان المنطقة.

يهدف تجمع الإيكواس الى استقدام وزيادة الاستثمارات والى فتح الأسواق و تنقل الأفراد بحرية بين الدول الأعضاء، كما أعادت المجموعـة النظــر في مؤسساتها الرئيسية لتواكب عملية التحول والتكامل الجارية، فتم التمكين لمفوضية الإيكواس بعدما كانت مجرد سكرتيريا تنفيذية، وأعيـد توسيـع وتفعيل برلمان الإيكواس ومحكمة العدل لجعلها أكثر فعالية. وليس خافيا أن قيام هـذا التجمع الاقتصادي كان له أكبر الأثر على تقوية الروابط الجغرافية والإنسانية بين الحكومات وفتح المجال أمام إنشاء مؤسسات متقدمة تمهيدا للسوق المشتركة بين دول غرب أفريقيا الأعضاء بما يقـوي الوحدة الاقتصادية ويضمن التنمية البشرية، ويحافظ على مصالح شعوب المنطقة.

القيـود والتحديات أمام التكامل الغرب الإفريقي

يعد فرض تحرير التجارة الدولية أحد أهم سمات النظام الاقتصادي العالمي في القرن الحادي والعشرين، وهكذا تتجه دول العالم وخاصة النامية منها الى البحث عن الوسائل التي من خلالها يمكن أن تواجه المتغيرات التي طرأت على النظام الاقتصادي العالمي؛ والتي أفضت في النهاية إلى بروز التكتلات الاقتصادية كأداة يمكن من خلالها مواجهة تحديات عملية تحرير التجارة الدولية عبر فكرة التكامل الاقتصادي، ويتوجب على مجموعة الإيكواس تخطى عدد من المراحل حتى تصل في النهاية إلى مرحلة التكامل الاقتصادي، ومـن بينها “حصـر التفاوت فيما بين ‰ البلدان الأعضاء، لاسيما بيـن ‰ البلدان الغنية بالموارد ونظيرتها الشحيحة بالموارد”.

ولتأمين تدفـق رؤوس الأمـوال و “تطبيـق التعريفة الخارجية المشتركة، وتشجيع تنقل الأشخاص بين الدول”؛ حفلت السنة الحالية على صعيد المجموعة الغرب افريقية بتوقيع عـدد هام من الاتفاقيات التاريخية مع بلدان شمال القارة كالمغرب وموريتانيا على ان تلتحق بهما تونس كعضو مراقب، وهي دول عربية بات اليأس من تفعيل اتحاد المغربي العربي يدفعها للاستفادة من المزايا والفرص الموفـرة في تكتل الإيكواس إلا أن “الفرحة لا تكمل” كما يقال فالملك المغربي مُحَمَـدٍ السَادِسْ الذي كان يعتـزم حضـور القمة 51 (مونروفيا-ليبيريا) والتي أعلن اليوم الأحد اكتمال اشغالها، قرر في النهاية عدم الحضـور بسبب دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للمشاركة فيها، بعدما كان من المفتـرض أن تناقش مسألة طلب المغرب الانضمام للتجمع “كعضو كامل” العضوية. وفي هذا السياق فإن دولا غرب افريقية تحت تأثير امكانية الحصول من الدولة العبرية على مساعدات تقنية وتنموية في مجالات الزراعة والموارد المائية والصحة والأمن والطاقة سبق وأن ربطتهما علاقات تعـود للعام 1957 عندما افتتحت تل أبيب سفاراتها في أكرا ثم في كوناكري ومونروفيا وذلك بهدف التغلغل داخل اقاليم القارة ضمانا للتفوق الاستراتيجي الذي يتيح لها تطويق أعدائها العرب وعمليا فإن إسرائيل تواصل جني ثمار الغياب العربي والتقهقـر المغاربي أكثر فأكثر عن منتديات القارة السمراء، ولا يبدوا الجشع على موارد المنطقة مقتصرا على اسرائيل فتجاريا هنالك هيمنة متزايدة للصين والهند وتركيا.

مما سبـق؛ فإن وجود العديد من التكتلات الاقتصادية في منطقـة غرب افريقيا؛ وانعدام الشـروط والمعايير التي يجب على الدول الوفاء بها مسبقا قبل الانضمام لأي منها، فقـد ترتب على ذلك تمتع غالبية دول المنطقة بعضوية أكثر من تكتل اقتصادي وبالتالي أصبح هناك تداخل وتشابك كبير بين معظم التجمعات القائمة؛ ففي ظل تعـدد العضويات تتعدد التزامات الدولة حيث تصبح مضطرة لاتباع وتبني أكثر من سياسة وبرنامج عمل وإطار قانوني بالإضافة إلى الالتزامات المالية وتعارض المصالح

التكتل الاقليمي الـدول نوعيـة العضوية
اتحاد المغرب العربي

مجموعة دول الساحل G5

الإيكواس CEDEAO

المغرب

التشاد

نيجيريا وغانا والكاميرون الرأس الأخضر و غامبيا

أحادية

اتحاد نهر مانو MRU

الإيكواس CEDEAO

الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا

“الإيموا UEMOA”

ليبيريا

كوت ديفوار

بنين غينيا بيساو والتوغو

ثنائية

اتحاد نهر مانو MRU

الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا

الإيكواس CEDEAO

منظمة استثمار نهر السنغال OMVS

مجموعة دول الساحل G5

السيراليون وغينيا

 

السنغال

 

بوركينا فاسو

النيجر

ثلاثية
مجموعة دول الساحل G5

منظمة استثمار نهر السنغال OMVS

الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا

“الإيموا UEMOA”

الإيكواس CEDEAO

اتحاد المغرب العربي

مالي

موريتانيا

رباعية

جدول من اعداد الباحث يوضح تداخل العضوية في التجمعات الاقتصادية بغرب افريقيا

يمثل إلغاء كافة القيود الجمركية وغير الجمركية المفروضة على التجارة البينية لدول المجموعة؛ مرحلة سيترتب عليها توزيع حصيلة الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الدول الأعضاء من العالم الخارجي حسب معادلة يتم الاتفاق عليها داخل المجموعة؛ الا أنه وفي الوقت الراهن لا تزال تسـع دول من أصل 15 دولـة لا تنطبق عليها بنود المجموعـة فيما يخص “التعرفـة الخارجية المشتركـة (TEC/CEDEAO)” بعدما جرى إقرارها في القمة 22 يناير 2006 ودخلت حيز التنفيذ فـي الــ1 مـن يناير 2015، وذلك لأسباب متعــددة من ضمنها التخـوف من انتقال النزاعات القائمة في المنطقة، ومحدودية مستوى الارتباط بين اقتصاديات المجموعة.

رغم التقدُّم الذي أحرزته المجموعة خلال السنوات العشر الماضية – على صعيد النمو الاقتصادي والحد من الفقر- فإن المنطقة تواجه الآن تحديات جسيمة تُعـزى بالأساس إلى انخفاض أسعار السلع الأولية عالمياً والمخاطر الأمنية المرتبطة تحديداً بالمنطقة.

مــوريتانيا تبحث عن شراكة متقدمة مع الإيكواس؛ الأسباب الوجيهة

شكل طموح رؤية المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا عامل جذب للعديـد من التكتلات الاقتصادية والاقليمية فضـلا عن دول الجوار التي باتت تتطلع لتعزيز فرص التعاون الاقتصادي و التبادل التجاري مع أسواق المجموعـة، وفي هذا الشـأن أبرم الاتحاد الاوروبي أول اتفاق شراكـة اقتصاديـة مع دول غرب افريقيا في فبراير 2014 بعـد عشـر سنوات من التفاوض على بنـوده، فأوروبا تعتقد أن غرب افريقيا تحتل قصب شراكاته في افريقيا جنوب الصحراء بما يمثل 2 بالمائة من وجهة التجارة الأوروبية؛ متقدمة بذلك على الصيـن والولايات المتحدة والهنـد؛ وشــددت السيــدة كَارْلا مُونْتَيْزي مديرة افريقيا الغربية والوسطـى بالاتحاد الأوروبي على ذلك قائلـة أن (الاتحاد الأوروبي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا هم في وضع زواج دون امكانية للطلاق”، ومـن الجديـر ذكـره أن الإيكواس تجني من الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي أرباح معتبـرة تناهـز الـ 37.8 من صادرة المجموعة تتجه الى المجموعة الاوروبية.

وعلى صعيـد مواز احتلت افريقيا أولويـة السياسة الخارجية للمملكة المغربيـة (شمال افريقيا) وذلك في ضوء سعي الرباط إلى توسيع دائرة مكانتها السياسية داخل أقطاب القارة الكبرى بعـد عودتها للاتحاد الافريقي بعيداً عن منطقة تحركها التقليدية في شمال القارة حيث يتم تجميـد اتحاد المغرب العربي بسبب توتر العلاقات بين الجزائر والمغرب خلال الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى سعي ملك المغرب مُحَمَـد السادِسْ للحصول على دعم دول الإيكواس على أساس الملف الصحراوي وتعزيز التبادل التجاري مع المنطقة في أفق سعي دولها الخمسـة عشـر للاندماج الاقتصادي الجاذب، وتشي زيارة الأخير لأبوجا إلى أن المغرب يعمل على تنويع شركائه وتوسيع نفوذه في المنطقة فضلا عن قاعدة علاقاته السياسية والاقتصادية لدى القادة والشعوب الإفريقية التي تنظر الى المكانة الروحية لمؤسسة “أمير المؤمنين” بارتياح كبير. ومن المرجح أن يكون هذا اكبر حافـز لتقديم المغرب طلب انضمامه الكامل الى (الإيكواس) فـي بداية العام الجاري.

واذا كانت السنغال بمثابة الصديق الأقـرب الى المغرب وحليفها الاستراتيجي الأهم في منطقـة غرب إفريقيا فإن المملكة استطاعت تحقيـق اختراق غير مسبوق على مستـوى “عملاق الاقتصاد في غرب افريقيا” نيجيريا الـتي تعاني مشكلات حادة جـراء انهيار اسعار الطاقـة والنفط؛ وهكذا وقـع البلدان اتفاقا لمد خط أنابيب الغاز الطبيعي بينهما، مرورا بالعديـد من بلدان غرب افريقيا الأخرى؛ بما في ذلك موريتانيا.

ومن المرجح أنه بالنسبة لموريتانيا ولغايات جيو-سياسية فرضت عليها ان تبادر بإعادة خيط الارتباط الى المجموعـة التـي انسحبت منها في العام 2010 بعد رفض انواكشوط تطبيق اللائحـة الداخليـة للإيكواس خوفا على “الهوية الجماعية الرسمية للدولة الموريتانية” وفقا لتبرير نظام الرئيس الأسبق مَعاوِيَة وَلْدْ سِيدْ أحمدْ الطَايِعْ غير انه بالنظـر الى الموقـع الجغرافي لموريتانيا التي ترابط بين غرب إفريقيا وشمالها فإن السلطات الموريتانية مطالبة بتجميع قدراتها الاقتصادية والسياسية وأيضا العسكرية في اطار تكاملي من شأنه أن يساعدها على مواجهة التحديات والمخاطر التي تتفاقم في المنطقة. وقد انطلق هـذا التوجه منـذ مدة على ايدي الرئيس الموريتاني الحالي محمـد وَلْدْ عبد العزيز لما يوفره التكامل جنوب-جنوب من مصالح وطنية ولما سيفرضه من ضرورات التنسيق على المستويات السياسية والاجتماعية والأمنية المختلفة، وينتظر أن تسفر هذه المساعي عن عودة البـلاد الى مجموعـة الإيكواس ضمن “شراكـة متقدمة”، ومهما يكـن فإن سياسـة من هذا القبيل سيحقق التأييد اللازم باعتبار البعـد الإفريقي يظل بمثابة قلب التنمية المستقبلية.

يقول بنيامين نتنياهـو ” لاحقا للزيارة التي قمت بها إلى شرقي إفريقيا نزور حاليا غربي إفريقيا. والهدف الذي حددته هو تذويب الأغلبية العملاقة التي تتكون من 54 دولة إفريقية والتي تشكل القاعدة للأغلبية الأوتوماتيكية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة وفي المؤسسات الدولية. وأعتقد أن هذه هي شهادة لدولة إسرائيل تدل على التقدير الذي نحظى به. هذه ستكون رحلة طويلة ولكننا نتقدم فيها خطوة بعد خطوة”.

من المرجح أن يكون هذا اكبر حافـز لتقديم المغرب طلب انضمامه الكامل الى (السيدياو) فـي بداية العام الجاري؛ حيث كانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية أوضحت أن الطلب المغربي يندرج “في إطار رغبة المغرب في الاندماج الإقليمي باعتباره مفتاحا للإقلاع الاقتصادي لأفريقيا”.

بناء علـى رغبـة موريتانيـة دخـل الجانبان منـذ العام 2013 في مباحثات من شأنها أن تفضي الى إقامـة منطقة تجارة حرة بين بلادنا ودول المجموعـة الـ15؛ وتــمت الاستجابـة لها خلال القمـة الرابعـة والأربعيـن لرؤساء الدول والحكومات الأعضاء في المجموعـة الاقتصاديـة لدول غرب افريقيا المنعقدة في مارس  2014 بأبوجا. وينتظر ان يجيـز القادة الغرب أفارقة في اجتماعهم المقبل الاتفاق الذي وقعته خلال الأسابيع الماضية وزيـرة التجارة الموريتانية السيدة الناها منت مكناس مع سعادة السيد مارسيل أ. دي سوزا رئيس مفوضية المجموعـة وتحويله الى اتفاقية شراكـة نهائية بين الجانبيـن بحلول اليوم الأول من يناير 2019..

بقلـم

عبيــد إميجن سالم

اعــلامي موريتاني، مهتم بدول غرب افريقيا

المصـدر : افريكاعربي

تعليقات الفيسبوك