الأواصـر-(أنواكشوط الغربية) نظــم منتـدى الأواصـر ندوته الفكرية والسياسيـة المفتوحـة الأولى تحت عنوان “سيادة القانـون ودورها في تعزيز السلم الأهلي بموريتانيا” بمشاركـة واسعـة من الطيف السياسي والنشطاء والمدونين الى جانب الأوجه الفكريـة والعلمية في المجتمع، الندوة التي احتضنها فندق موريسانتـر جـرى تنظيمها بالتعاون مع المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الانسانية “مبدأ” الذي يترأسه الاستاذ محمد سيد احمد فال الملقب بوياتي.
ندوة سيادة القانون ودورها في تعزيز السلم الاهلي جرى افتتاحها بكلمة لرئيس منتـدى الأواصـر الاستاذ عبيـد اميجن الذي حيا في البدايـة الشراكة التي وصفها بالمثمرة بين المنتدى ومركز مبدأ، وتساءل عن الأهمية المتوخاة من اختيار موضوع الندوة قائلا بأن ذلك يصب في مصلحة القيـم التي تتأسس عليها الدولة الحديثة والتي يجب أن تناقض الكثير من التصورات والقيـم التي كانت مزدهـرة داخل الاوساط الاجتماعية الموريتانية خلال حقبة ما قبل الدولة الوطنية ولا تزال آثارها وأصداؤها معيقة للتفاهم بين المكونات الوطنيـة، وأكـد على ان منتدى الأواصـر سيتجه في مناشطـة الى زيادة الوعي المدنـي والحداثي ورفـع تركيـز المجتمع ورفض المواقع الاجتماعية التي وجد الافراد انفسهم حبسين لها.
واضاف بان منتدى الاواصر ليس جهـة تمثيلية للتكتلات المعارضـة أو الجهات الموالية للنظام، بل هـو منتدى حر ومستقل وفاعل ناحية تشجيع الفئات المثقفـة والمتنورة والراغبة في المشاركة في التنوير وعمليات التحديث. وأستطرد رئيس منتدى الاواصر يقول بأن المنتدى يسعى لمواكبة التحولات الاجتماعية الجارية وتأطير الأفراد على التحاور وضبط ايقاع التحولات بالشكل الهادف دون تستـر على المظاهر والاشكالات الوطنية الكبرى.
وكان لافتا مشاركــة الحزب الحاكم في موريتانيا الذي مثله امين حقوق الانسان الاستاذ يرب ولد اسغيـر الذي قـدم ورقـة تمحورت حول رؤية حزب الاتحاد من أجل الجمهوريـة UPR لدولة القانون والسلـم الأهلي وملف التعايش بين المكونات الوطنيـة؛ مؤكـدا على أن حزبـه يتبنى “الرؤيـة الشاملة لرئيس الجمهورية التي تتجاوز مدارس حقوق الانسان” واعتبـر أن تشخيص الاشكاليات الاجتماعية والعرقية والاثنية يجعل بعض الاشكاليات الاجتماعية ارضية خصبة لنشاط المدافعين عن حقوق واضاف بأن ذلك ليس وليد اليوم بل هي نتاج التاريخ والماضي.
كما تحدث في بدايـة الندوة الأستاذ محمد سيد احمد فال الملقب بوياتي الذي تطرق لمسألة السلم الاهلي والبناء على المشترك، حيث فصـل في جانب التعاطي مع دولة المواطنة والقانون وتساءل عما اذا كانت هنالك رؤيـة قائمة على اخراج مواطن موريتاني يؤمن بالدولة الوطنية وبالمواطنة؟ أم أن المدرسة الجمهورية كان ضبابيا ومشوشا عليه؟ وتطرق الى الجانب الحضري ودوره في تكريس التمايز الشرائحي والقبلي والعنصري، معتبرا ان الطراز المعماري يكرس اعادة انتاج المجتمع التراتبي والتقليدي بمختلف مستوياته.
وحول “ضبط المفهوم ومعوقات السلم الأهلي” أورد الاستاذ المحامي يعقوب ولد السيف خلال مداخلته أن السلم الاهلي يرتبط بثقافة ينتجها ويشيعها المجتمع فيما تضطلع الدولة بضبط القانون والعمل على سيادته، فالقانون يتم انتاجه من قبل ممثلي الشعب ليكون ممثلا عن الافراد والمجتمع، وبأن المشاكل المطروحة على صعيد السلم الاهلي ستنتهي عندما يكون الأفراد مدركين لسيادة القانون ودوره في ضبط سلوكياتهم
أما الاستاذ المحامـي والدكتور الطيب محمـود، فقـد أكد على ان المجتمع الموريتاني منذ قيام الدولة على انقاض الامارات والقبائل المتناحرة فيما بينها، وبأن تلك المجتمعات كانت تتباهى بحجم ممتلكاتها من العبيـد والحيوانات. معتبرا أن محاولات الدولة للقضاء على العبودية اتسمت بالحياء حيث ظلت القبيلة اقوى من الدولة كما ان الدولة لا تود التصادم مع المجتمع القبلي.
وعلى صعيد متصـل؛ تطرق الاستاذ الباحث عثمان واگـي الى موضوع “السلم الاهلي : التحديات والآفاق”، حيث أورد أنه بالرغم من القواسم المشتركة التي يمكن توظيفها لتوطيد التعايش والسلم الاهـلي فإن التاريخ المعاصـرة للدولة الموريتانية الناشئة يتضمن العديـد من التحديات التي تتضمن احداثا عرقيـة وعمليات الترحيل التي تندرج في اطار ما تعارف الموريتانيون على تسميته بالإرث الانساني.
من جانبها، أفردت الباحثـة الأنتربولوجية الموريتانية مريم باب أحمد في مداخلتها مكانا خاصا لمكانة العبيـد في المجتمع الناطق بالحسانية، فأبرزت على ضرورة طرح التساؤل؛ لماذا يتم صياغة القانون؟ ولمن؟ وما هي الخصائص لدى مجتمع لحراطين؟ واضافت ان الفترة الاستعماريـة شكلت مرحلة تحول هامة في حياة مجتمعات العبيد قبل ان يكمل ذلك حقبة الجفاف بعد استقلال الدولة، وأكدت على ضرورة ايجاد الارادة السياسية لتطبيق القانون وتفعيل سيادته.
الندوة شكلت فرصـة للجمهور للتعليق على مداخلات المتحدثين، وقـد بدأت الندوة على تمام الساعة العاشـرة والنصف وتواصلت الى حدود الساعة الثانية فجرا من ليل 20 يونيو 2017 الموافق لـ26 رمضان 1438
النـدوة أدارها الثنائي محمد يسلم المولود، عضو المكتب التنفيذي لمنتدى الأواصر بالإضافة الى الأخ السالك ولد إنلله، رئيس منظمة ذاكـرة وعدالة، وهـو مناضـل وسجين رأي سابق .